كتاب من فئة: روايات
"تحايلت "بديعة" على ملائكة روحها الخيرة، واختارت بإرادتها الحرة مصاحبة هاروت وماروت ملاكي السحر. تعلمت فنونه السوداء على أيدي شياطين الأنس وأرادت تجريب ما تعلمته في بني آدم، فاختارت الشاب الذي سوف يصبح زوجها وأبا ابنتها الوحيدة فتحية.
اسمه نور، كان يشبه رشدي أباظة بقامته الفارعة وبنيانه المتين وشعر رأسه الناعم، و الذي كان يثبته إلى الوراء فاستحال لونه إلى الرمادي بفعل الصابون والفزلين. كان عاطلاً عن العمل فامتهن البلطجة، وكان دائم الهرب من الشرطة فاستحالت سيرته إلى أسطورة بديعة الخاصة والسرية فوقعت في عشقه، ولم يكن هو يشعر بها، لكنه جاء إليها "على ملا وشه" راكعاً ومدلها ومعترفاً بحبه لها لما سحرت له عن طريق عبد القوي بائع الطماطم في الظاهر والساحر الشرير صاحب الأعمال السلفية والتي دوخت بولاق الدكرور كلها، طلب منها "إتر" نور، فأخذت تتحايل علّها تعثر على حتى من هدومه فيها ريحة عرقه، اتفقت بديعة مع بعض "الصيع" على التحرش بنور والإمساك بخناقه وهربدة هدومه قالت من يجيئني بحتة من هدومه له عندي مكافأة.
وفي صبيحة أحد الأيام، وبينما كان نور يمشي في حارة علي أبو حمد مختالاً فخوراً يقول "يا أرض انهدي..."، هاجمه ثلاثة شبان مفتولو العضلات، لكن نور الذي كان يفوقهم قوة، خلع هدومه... وطوح بقدمه في الهواء كما كان يفعل بروسلي، الذي شاهده في فيلم "الرأس الكبير" حين عرضته سينما مرمر، فجاءت في محاشم الأول وسقط على الأرض فاقد الوعي، والثاني شربه بقبضة يده في وجهه فانفجر الدم من أنفه، والثالث أعطاه مقص رجل أوقعه ووقع فوقه وأخذ يضربه حتى صرخ "حرمت والنبي يا عم"، ثم ارتدى هدومه ومضى. بديعة التي كانت جالسة في بيتها الكائن بحارة علي أبو حمد تنتظر أن يأتوا لها "بأتر" نور، عرفت بالواقعة، فازداد هيمانها به، وهمست لنفسها: "والله لو كان ضربوه لكرهته". وفكرت أنه لم يأتي "بأتر" نور سواها، فكان أن ابتدعت خطة وهي أن تتعرف على أخته فهيمة فتعرفت عليها وصارت صديقتها الوحيدة، وفي أحد الأيام، ذهبت معها إلى منزلها، لم يكن نور موجوداً، أمه كانت جالسة بالقرب من شباك يطل على الحارة الضيقة، عجوز تعدت الثمانين وفقدت بصرها منذ أربعين سنة... تقول إن المليجي رحل ونور في بطنها حتى لحمة لم تتشكل بعد. زينب ابنتها البكر، ونور جاء بعد رحل والده بثمانية أشهر. تركتهما زينب وذهبت لشراء باكو شاي من محل بقالة على أول الشارع. قالت بديعة إنها ذاهبة لشرب الماء من المطبخ، وتسللت إلى الحمام فعثرت على هدوم وسخة قرب الغسالة، أخذت تقلب فيها حتى عثرت على لباس نور فخبأته في صدرها وعادت إلى أم نور التي عرفت أن اسمها تهاني".
هذه الرواية عالم لفضاءات شعبية واسعة. وتتناول في ما تحكيه، الفئات الشعبية في المجتمع المصري: هموم هذه الفئات، أحلامهم، وعيهم، سلوكهم، عاداتهم... وما يؤمنون به من أساطير وخرافات وسحر يتوسلونه لتحقيق رغباتهم.
فضاء هذه الرواية يقع بين السحري والواقعي، وإعادة كتابة التاريخ من خلال تصورات الجماعة الشعبية.
جديد
جائزة أسماء الصديق للرواية الأولى 2024