«ألماس ونساء»… سيرة المرأة وتأريخ المدينة

«ألماس ونساء»… سيرة المرأة وتأريخ المدينة

وصلت رواية «ألماس ونساء» للروائية السورية لينا هويان الحسن إلى القائمة القصيرة للبوكر العربية في 2015، بعد صدورها بعام، وتعد من أبرز الروايات التي جعلت (دمشق) المدينة فضاء لها، على الرغم من انطلاقة أحداثها على متن باخرة مبحرة من بيروت نحو مرسيليا، إلا أن دمشق ـ المدينة تجلت بكل سمات العمل السردي. وظهرت ملامح تلك المدينة على سلوك وطباع الشخصيات التي تمثلت قيم المكان ونفحاته، رغم ترحال هذه الشخصيات بين مرسيليا وبيروت وحتى البرازيل.

ألماظ

يقدم النص حكاية الفتاة السمراء (الماظ) الهادئة، التي أصبحت زوجة في عمر الخامسة عشرة بزواج تقليدي من الكونت كرم شاهين خوري وهو في العقد الخامس من العمر، لتكتشف بعد الزواج أن هناك من يشاركها الكونت، بإقامته علاقة جنسية مع الخادمتين الحبشيتين (لورا وكارو) وأنه تم الزواج بها بعد فشل علاقته بحبيبته الأرمنية (زوفيناز) التي ولدت في دمشق وترعرت في باريس، الشهيرة بالتريس نسبة لحبها للعب القمار.
ومن خلال ألماظ تحضر دمشق وبقوة عبر نسائها، هؤلاء النسوة التي التقت بهن الماظ أثناء تنقلها، فقد التقت بأشهر خوانم الشام المسلمات والمسيحيات، لتقول.. «فقط كان أكثر من ستين في المئة من المعاملات في سجلات محاكم دمشق آنذاك بأسماء النساء، فمنهن البائعة أو الشارية أو الناظرة على وقف، أو المستأجرة أو المؤجرة».

حينما كُنّ

إنها رواية تمزج بين التاريخي والأدبي، من أجل انتصار هدف واحد وهو المرأة، ومحاولة الإبانة عما كانت عليه المرأة الشرقية عامة، والسورية خاصة آنذاك، من تحرر وانفتاح وممارسة أعمال مهنية وتجارية، هي على الأغلب الآن حكر خاص على الرجال. إضافة إلى إبداعها في المجال الثقافي والأدبي، لنتعرف من خلال الرواية على أول أديبة سورية (مريانا مراش).. «التي اشتهرت بجرأتها في العصر الحميدي، وانتقدت نساء العصر وحضتهن على التمدن الصحيح». ونساء أخريات أبدعن بالكتابة والمطارحات الأدبية، مثل عفيفة صعب وعائشة التيمورية. إنها رواية انتصار بجدارة لدور المرأة التاريخي، ما قبل هذا الزمن، لأن هذا الزمن، هو زمن تهميشها وتقليص دورها.

إنها دمشق

لم يكن عبثا أن تعتمد الكاتبة في بداية عملها الروائي على إحدى عبارات الكاتب الأمريكي مارك توين، أثناء قيامه برحلة إلى المشرق عام 1867 مارا بمدينة دمشق، قائلا.. «السنوات بالنسبة لدمشق ليست سوى لحظات، دمشق لا تقيس الوقت بالأيام والشهور والسنين، وإنما بالامبراطوريات التي شهدت قيامها وازدهارها، ومن ثم انحطاطها وفناءها… دمشق شكل من أشكال الخلود، لقد قلبت دمشق النظر في رفات أهالي ألف امبراطورية، وستشهد أيضا قبور ألف امبراطورية أخرى قبل أن تفنى».
----
عن موقع alquds.co.uk
بقلم أميرة الحلبي