لقد بدأ اهتمامي بشِعر الشَّيخ الأكبر منذ مطلع العقد الأخير من القرن الماضي حين كنت أُحَضِّرُ رسالةَ الدكتوراه في علم الدلالة في جامعة السوربون. كما كنتُ أتابع في الفترة نفسها دروسًا أخرى على كبار الأساتذة في عدَّة مجالات معرفيَّة، ومنها دروسُ الأستاذ والفيلسوف العرفانيّ المسلم علي (ميشال) شودكيفيتش حول ابن العربي الحاتمي، في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعيّة في الجامعة نفسها.

وفي تلك الفترة، بدأتُ أجمع نسخَ الدِّيوان الكبير، ومن بينها نسخة ديوان المعارف الإلهيّة، المحفوظة في المكتبة الوطنيّة في باريس. وقد استفدت كثيرًا من هذه النُّسخة على الرّغم من صعوباتها العديدة، وأنجزتُ منذ ذلك الوقت عدَّة أبحاث علميّة عن شعريّة ابن العربي.

ثم جمعتُ أكثر من 50 مخطوطة موزَّعة عبر مكتبات العالم مكَّنتني من تحقيق هذا الدِّيوان الكبير الذي أصدرتُ منه، نهايةَ سنة 2018، الجزءَ الرابعَ محقِّقًا، ثم يتواصل اليوم تحقيق المجلَّدة السَّابعة من الدِّيوان نفسه، وتتضمَّن القسمَ الأخير من الجزء الأوَّل من هذا الدِّيوان، كما تتضمَّن قسمًا من الجزء الثاني منه. فهذه المجلَّدة السّابعة تُعتبر إبرازةً أخيرةً للدِّيوان الكبير. ويبلغ مجموع الأبيات في المجلَّدين اللذين حقَّقتهما حتى الساعة 10.015 بيتًا. وهي ثروة شعريّة هائلة تتضمّن غزليّات وعرفانيّات غاية في السموّ والجمال من التراث الأدبيّ الإنسانيّ الخالد.